المصاصة تحمي الرضيع من الموت المفاجئ أثناء النوم
نصائح جديدة للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال حول نوم الأطفال الرضع
الرياض: د. عبير مبارك
ضمن فعاليات اللقاء السنوي للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال الذي عقد الأسبوع الماضي صدرت النصائح الجديدة لمنع حصول حالات الوفاة المفاجئة للأطفال الرضع أثناء النوم، وتضمنت ضرورة توفير استخدامهم للمصاصة أثناء النوم، وكذلك على نومهم في غرفة والديهم لكن ليس في نفس السرير، كل هذا من أجل تقليل عدد الوفيات بينهم نتيجة هذه الحالة الغامضة السبب حتى اليوم. هاتان الوسيلتان طرحتهما الأكاديمية للحيلولة دون استغراق الأطفال الرضع في السبات العميق أثناء النوم ومما يعتقد أنه سبب يعرضهم لما يسمى متلازمة الوفاة المفاجئة للأطفال الرضع كما قالت الدكتورة راشيل مون الباحثة في المركز القومي لأبحاث الأطفال بواشنطن العاصمة التي شاركت في وضع مسودة النصائح الطبية في هذا الخصوص.
وكانت النصائح الطبية الخاصة بالحرص على توفير الرضاعة الطبيعية للأطفال تبنت سابقاً السماح لهم بمشاركة الأم النوم في نفس السرير لتسهيل إرضاعهم، لكن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال فصلت وعدلت في النصيحة الطبية حينما ذكرت ضرورة أن يكون منام الطفل قريباً من مخدع الأم في نفس غرفتها ولكن ليس فيه، بل تحديداً في مهد منفصل كي يسهل إرضاعه حينما يفيق طلباً لرضعته وفي نفس الوقت بعيداً عن التعرض لاحتمال الوفاة في سرير الأم.
وتضمنت نصائحها الجديدة أن وضع الطفل أثناء النوم يجب أن يكون بالنوم على ظهره وليس على بطنه. والأهم من هذا اعتبارها أن نوم الطفل على أحد جنبيه يعتبر في نظر الأكاديمية وضعا خطيرا لأنه يسهل التفاف الطفل للنوم على بطنه.
في نفس الوقت عارضت الأكاديمية في نصائحها الأخيرة النصيحة السابقة بمنع توفير استخدام المصاصات للأطفال عموماً للاعتقاد القديم أنها تحول دون إقبالهم على الرضاعة من ثدي الأم. وبينت الأكاديمية من جهتها وبرغم دعمها القوي للرضاعة الطبيعية أنها ترى أنه لا يجب منع الأطفال الرضع حتى بلوغهم سن سنة من استخدام المصاصة، بشرط أن يتم تأخير البدء في ذلك إلى ما بعد بلوغ الرضيع عمر شهر لسببين، الأول هو إعطاء مجال للطفل كي يتعود على حلمة ثدي أمه، والثاني أن الدراسات الطبية لما بحثت في أي سن تكثر حالات وفاة الرضيع المفاجئة تبين لها قلة حصول هذه الحالة لدى الرضع دون سن شهر من العمر ومن ثم لا فائدة لاستخدامها في ذلك الوقت كأحد وسائل منع وفاة الرضع المفاجئة. لكن بعد بلوغ ما بعد هذا العمر أي بعد تجاوز الشهر الأول من العمر فإن استخدام المصاصة مناسب جداً في تقليل درجة استغراق الطفل في سبات النوم العميق، وبالتالي الحيلولة دون تعرضه للوفاة أثناءه. وعلى هذا فالأكاديمية تنصح بأن يستخدم الرضيع المصاصة ما بين سن شهر وحتى بلوغ سن سنة تحديداً وهذه نقطة مهمة.
وفصلت الأكاديمية نصائحها بأن الرضيع إذا ما استغرق في النوم فليس للأم أن تدخلها في فمه عنوة أثناء ذلك. كما أن الأكاديمية شددت على عدم تغليف المصاصة بالمواد السكرية لإغراء الرضيع باستخدامها. وذكرت بضرورة عدم إجبار الرضيع عليها إذا ما امتنع عن وضعها في فمه.
وبالإضافة إلي جدوى استخدام الرضيع للمصاصة في سبيل تخفيف استغراقه داخل سبات النوم العميق، فإنها كما يعلق الدكتور ستيفن شيلدون مدير مركز طب النوم في مستشفى الأطفال بشيكاغو قائلاً: المصاصة تحسن من عملية البلع لدى الرضيع وهي عادة مناسبة لعمرة، والظن السابق أن المصاصة تزيد من حالات التهاب الأذن هو ليس صحيحاً بالنسبة للأطفال دون سن سنة مقارنة بما بعد هذا من العمر. أما بعد سن السنة فربما تؤدي المصاصة إلى نشوء عيوب في شكل ونمو الأسنان، لكن قبل هذا العمر لا يبدو هناك ضرر على الأسنان منها بحسب قول الدكتور بول ريغرادو طبيب الأسنان في كاليفورنيا والرئيس السابق للأكاديمية الأميركية لطب أسنان الأطفال الذي علق على النصائح الأخيرة قائلاً: من وجهة نظر طب أسنان الأطفال فإن النصائح هذه حول المصاصة للأطفال الرضع مناسبة للغاية وليس لها تأثير على أسنانهم. متلازمة الوفاة المفاجئة للأطفال الرضع هو مصطلح طبي يعنى به حالات الوفاة التي تصيب الأطفال ما بين عمر شهر إلى سنة، والتي تحصل غالباً أثناء النوم العميق، وذلك دون تعليل طبي واضح حتى بعد إجراء عملية التشريح لمعرفة الأسباب المؤدية للوفاة.
وبالرغم من التناقص الحاد في نسبة وقوعها اليوم في الولايات المتحدة من حوالي 4660 حالة عام 1992 إلى حوالي 2295 عام 2002 نتيجة للحملة المسماة «العودة إلي النوم» والتي تضمنت نصائح للأمهات والآباء حول حماية الأطفال الرضع أثناء النوم وتبنتها الجهات الحكومية عام 1994، فإن هذا الأمر لا يزال يعد اليوم في الولايات المتحدة السبب الأول لوفيات الأطفال الرضع، إذْ يبلغ عددها حوالي 2000 حالة وفاة سنوياً، وكذلك الوضع في مناطق عدة من العالم إذا استثنينا الأمراض المعدية والإسهال في المناطق الأقل تقدماً في خدمات الرعاية الطبية للأطفال. وعلى هذا فهي حالة شائعة وتسبب الكثير من الوفيات بين الرضع عالمياً. ولذا يعلق الدكتور جون كاتوينكل من جامعة فرجينيا ورئيس حملة الحد من حصول حالات الوفيات هذه في أكاديمية أمراض الأطفال الأميركية قائلاً: لا يزال أكثر من 2000 طفل معرضين للوفاة ويجب فعل شيء تجاه هذا الأمر.
كما أن الدكتورة مون علقت قائلة: إن كثير من الأطباء يعتقدون أن النسبة الحقيقية لهذه الحالات أكبر بكثير مما يعتقد، لأن كثيراً من حالات الاختناق التي زادت نسبة وقوعها في السنوات الماضية هي في الواقع لا يمكن التمييز بينها وبين حالات الوفاة المفاجئة.
وما زال الأطباء يبحثون سبب هذه الحالة الغامضة وإحدى النظريات تقول إن هناك اضطرابات في جذع الدماغ تنتاب الأطفال في المناطق المسؤولة عن القوس العصبي لإتمام عملية الإفاقة من النوم العميق مما يجعل الأطفال في حالة عجز عن مقاومة ومواجهة حالات مثل ارتفاع حرارة الجسم المفاجئة أو ابتلاع أجزاء من الوسادة أو الشراشف أو الألعاب الصغيرة أو غيرها من الأشياء الرخوة إذا ما كانت في المهد. ولذا فإن نوم الرضيع على بطنه هو شيء يسهم في استغراقه في السبات العميق أثناء النوم مما يعرضه للخطر.
مع تحياتى