حاولنا على قدر ما استطعنا السعي لنكون قد قُبِلنا وغُفِر لنا، والحقيقة أحب أن أبدأ اليوم بنفس الآيات التي بدأنا بها رمضان؛ آيات الصيام. والحقيقة أيضاً أنني لم أنسَ أبداً تلك السنة التي بدأت ألتزم فيها وأحس بالقرآن وأستشعر القرب من ربنا، وكانت آخر صلاة مغرب في آخر يوم في رمضان، وفوجئنا بالإمام يتلو علينا:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: الآيات من 183 إلى 186].
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما في رمضان لتمنيتم أن تكون السنة كلها رمضان".
هل تتذكرون الثلاثين يوماً، هل تتذكر أنك قد ذقت حلاوة الإيمان، وكيف كان دعاؤك قوياً تستشعر فيه القرب من الله عز وجل، هل تتذكر حلاوة البكاء من خشية الله.. كنا نعيش أياماً جميلة كنا وكنا وكنا.. كنا قريبين من الله، لدرجة أن العديد من الشباب أرسلوا لي يتمنون لو أن الحياة تنتهي بهم عند رمضان، وعلى هذا القرب من الله عز وجل.
وهدف الكلمة اليوم هو كيف نحافظ على هذا المجهود الذي بذلناه في رمضان، وذلك لما بعد رمضان..
المعنى الأول يقول: احذر الشيطان.. فالشيطان كان مقيداً، وبمجرد ما يعلن انتهاء شهر رمضان سيخرج الشيطان أشد ضراوة؛ فأشد أيام الشيطان هي تلك الأيام التي تلي رمضان "أيام العيد" لأنه أحس أن محاولاته الدءوبة لإبعادك عن طريق الله في العام الماضي قد اختفت واختفت آثارها من عندك بعبادتك وصلاتك وصيامك في رمضان.
وبعد أن ملأت صحيفتك بالحسنات والثواب، يريد لك أن تقع في كبيرة من الكبائر من أجل أن يعوض تلك الأيام التي قضاها مقيداً في رمضان. فانظر إلى تلك الآية فيقول الله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سبأ: الآية 20]؛ فبالله عليك لا تجعله يسخر منك ويؤثر عليك، ويجعل منك واحداً من أتباعه، واحرص على أن تكون من الفريق الآخر فريق المؤمنين.
فلا للمعصية بعد رمضان؛ هذا دليل ثباتك وثقتك بنفسك وخيبة أمل للشيطان في وضع اللجام في فمك ليقودك إلى المعصية مرة أخرى.
- إياك والهبوط من الهمة العالية: ولكن هناك ملاحظة واقعية أنه صعب؛ بل يكاد يكون مستحيلاً أن تظل وتبقى على درجة عبادتك في رمضان بنفس الهمة والمثابرة. مؤكداً أنك ستتأثر؛ ولكن اسمح لي أن أقول لك بعض الملاحظات كمفاتيح تقربك من الله لأن النبي وصى بهم، والشرع وصى بهم.. أهم خمسة أشياء:
1. الصلوات الخمس في جماعة.
2. ذكر الله كل يوم ولو خمس دقائق فقط.
3. الدعاء كل يوم مرفوع اليدين إلى الله.
4. قراءة القرآن كل يوم ولو لمدة خمس دقائق أو ورد صفحتين.
5. المحافظة على صحبة صالحة متدينة، والبعد عن صحبة السوء.
- هذه الفكرة هي وسيلة عملية لكي تعرف هل قبل رمضان أم لا.. والوسيلة تلك الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} يعني إذا صمت فإنك تخرج في رمضان تقياً، تحب التقرب إلى الله بالطاعات، وتبتعد عن المعاصي بكل قوتك. اللهم ثبتنا علي طاعتك